الاثنين، 17 أكتوبر 2011

حكاية ابن هارون الرشيد ، الفتى الغريب الذى زهد الملك

إحدى القصص العجيبة التى قرأتها و تحكى عن الزهد والورع و أولياء الله الصالحين ، كانت بكتاب قديم لدى ذو طابع غريب طبع بباكستان وكان يأتى بالطلب رتبه ونشره (خواجة محمد إسلام) و إسم الكتاب " منظر الموت وما بعد الموت" ولا أعرف مدى صدق هذه الرواية ولا أعرف إن كان مابها سيجعل من الأخوة السلفيون على ضيق وغضب مما أتى بها ، ولكن كل ما أعرفه أن عيناى دمعت حين قرأتها أول مرة لهذا أعيد نشرها كما جاءت بالكتاب                             

حكى أنه كان لهارون الرشيد ولد قد بلغ من العمر ست عشرة سنة و كان قد رافق الزهاد والعباد وكان يخرج إلى المقابر و يقول قد كنتم قبلنا و قد كنتم تملكون الدنيا فما اراها منجيتكم وقد صرتم إلى قبوركم فياليت شعرى ماقلتم وما قيل لكم ويبكى بكاء شديدا وكان ينشد :                                                                                               
تروعنى الجنائز كل يوم              ويحزننى بكاء النـائحات                                         
فما كان فى بعض الأيام مر على أبيه و حوله وزراءه وكبار دولته و أهل مملكته وعليه جبة صوف على رأسه مئزر صوف فقال بعضهم لبعض لقد فضح هذا الولد أمير المؤمنين بين الملوك فلو عاتبه لعله يرجع عما هو عليه قال فكلمه ذلك وقال يابنى لقد فضحتنى بما انت عليه فنظر إليه ولم يجبه ثم نظر إلى طائر و هو على شرافة من شراريف القصر فقال له أيها الطائر بحق الذى خلقك الا جئت على يدى فانتفض الطائر على كف الغلام ثم قال له ارجع إلى موضعك فرجع إلى موضعه فقال بحق الذى خلقك الا سقطت فى كف أمير المؤمنين فما نزل ، فقال له الغلام انت الذى فضحتنى بحبك الدنيا و قد عزمت على مفارقتك .. ففارقه ، ولم يتزود منه بشىء الا مصحف كريم و خاتم ، و انحدر إلى البصرة و كان يعمل مع الفعلة فى الطين .. وكان لا يعمل الا يوم السبت بدرهم ودانق يتقوت فى كل يوم دانقا .. قال أبو عامر البصرى وقد وقع فى جدارى حائط فخرجت اطلب من يعمل لى فى الحائط إذ أيت غلام لم أر أحسن منه وجها وبين يديه زنبيل وهو يقرأ فى مصحف فقلت له ياغلام  أتعمل ، فقال ولم لا أعمل و للعمل خلقت و لكن أخبرنى فى أى الأعمال تستعملنى ، فقلت فى الطين فقال بدرهم و دانق و اصلى صلاتى ، فقلت لك ذلك ثم مضيت به الى العمل وتركته يعمل فلما كان المغرب جئته فوجدته قد عمل عمل عشرة رجال فوزنت له درهمين ، فقال يا أبا عامر ما أصنع بهذا ؛ و أبى أن يقبل فوزنت له درهما و دانقا فلما كان الغد خرجت إلى السوق فى طلبه أجده فلم أجده فسألت عنه فقيل لى أنه لا يعمل الا يوم السبت الثانى ؛ فأخرت العمل الى السبت الثانى ثم اتيت السوق فاذا هو على تلك الحال فسلمت عليه ثم عرضت عليه العمل فقال كمقالته الأولى فمضيت به إلى العمل ، فوقفت أنظر إليه من بعيد وهو لا يرانى .. فاخذ كفا من الطين و تركه على الحائط وأذا الحجارة تتركب بعضها على بعض ، فقلت هكذا أولياء الله تعالى معانون ... فلما أراد أن ينصرف وزنت له ثلاثة دراهم فأبى أن يقبل إلا درهما ودانقا فوزنت له ذلك ؛ فلما كان السبت الثالث جئت إلى السوق فلم أره فسألت عنه قيل لى له ثلاثة أيام وجع فى خرابة يعالج سكرات الموت ، فوهبت أجره لمن يدلنى ومشينا حتى وقفنا عليه فى خراب بلا باب و إذا هو مغشى عليه فسلمت عليه و اذا تحت رأسه نصف لبنة وهو فى حال الموت فسلمت عليه مرة ثانية فعرفنى         فأخذت رأسه وجعلتها فى حجرى فمنعنى من ذلك و أنشأ يقول :                                                                                        
يا صاحبى لا تغتر بتنعم                              فالعمر ينفد والنعيم يزول                      
وإذا علمت بحال قوم مرة                              فأعلم بأنك عنهم مسؤول                      
وإذا حملت الى القبور جنازة                            فأعلم أنك بعدها محمول                      
ثم قال يا أبا عامر إذا فارقت روحى جسدى فغسلنى و كفننى فى جبتى هذه فقلت له يا حبيبى ولم لا أكفنك فى ثياب جديدة ، فقال الحى احوج الى الجديد من الميت الثياب تبلى و العمل يبقى ، وخذ زنبيلى و مئزرتى فأدفعهما للحفار و خذ هذا المصحف والخاتم وامض بهما إلى امير الؤمنين هارون الرشيد ولا تدفعهما إلا من يدك الى يده ، وقل له يا أمير المؤمنين معى وديعة من غلام غريب وهو يقول لك لا تموتن على غفلتك هذه أو قال على غرتك هذه ثم خرجت روحه رضى الله عنه فعلمت أنه ولد الخليفة ، و عملت بجميع ما أوصانى به .. و أخذت المصحف والخاتم و دخلت بغداد و قصدت قصر الخليفة هارون الرشيد ووقفت على موضع مشرف فخرج موكب عظيم فيه تقدير ألف فارس ثم تبعه مواكب كل موكب ألف فارس و خرج أمير المؤمنين فى الموكب العاشر فناديت بقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أمير المؤمنين الا ماوقفت لى قليلا ، فلما رأنى قلت له يا أمير المؤمنين معى وديعة من غلام غريب ثم دفعت إليه بالمصحف والخاتم ، وقلت له هذا ما أوصانى به ، فنكس رأسه و أسبل دمعته واوصى على بعض الحساب و قال ليكن هذا عندك إلى أن أسألك عنه ، فلما رجع هو و أصحابه أمر بالستور فرفعت ، ثم قال للحاجب هات الرجل ، فقال لى الحاجب يا أبا عامر إن أمير المؤمنين محزون مهموم فإذا أردت أن تتكلم عشر كلمات فإجعلها خمسة فقلت نعم ، و دخلت عليه فإذا مجلسه خال فلما رأنى قال ادن منى يا أبا عامر فدنوت منه فقال أتعرف ولدى قلت نعم قال فى أى شىء كان يعمل ؟ قلت فى الطين والحجارة ؛ قال استعملته أنت ؟ قلت نعم.  فقال استعملته وله اتصال برسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقلت المعذرة لله تعالى ثم إليك يا أمير المؤمنين فإنى ماعلمت من هو إلا عند وفاته ؛ قال انت غسلته بيدك؟ فقلت نعم.  قال فهات يدك ووضعها على صدره بأبى كيف كفنت العزيز الغريب ثم أنشأ يقول:              
ياغريبا عليه قلبى يذوب                              ولعينى عليه دمع السكوب                    
يابعيد المكان حزنى قريب                          كدر الموت كل عيش يطيب                    
  إن بدرا على قضيب لجين                           فهوى البدرى فى الثرى والقضيب             
قال ثم تجهز وخرج إلى البصرة و أنا معه حتى انتهى الى القبر فلما رأه غشى عليه ، فلما أفاق انشد هذه الأبيات:                            
ياغائبا لا يؤوب من سفره                           عاجله موته على صغره                     
ياقرة العين كنت لى أنسا                           فى طول ليلى فعم وفى قصره                 
شربت كأسا أبوك شاربها                               لابد من شربها على كبر                    
فالحمد لله لاشريك له                                 قد كان هذا القضاء من قدره                 
قال أبو عامر فلما كانت تلك الليلة قضيت وردى وأضطجعت وإذا بقبة من نور عليها سحاب من نور وإذا قد كشف السحاب فإذا الغلام ينادى يا أبا عامر جزاك الله عنى خيرا ، فقلت ياولدى إلى ماذا صرت قال إلى رب كريم راض غير غضبان أعطانى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على عين بشر وآلنى على نفسه أن لا يخرج عبد من الدنيا مثل خروجى إلا أكرمه مثل كرامتى فأستيقظت فرحا به و بما قال لى رضى الله عنه.                                                                                                                       
قال عبد الله بن مسعود : فى التوراة : ان الله أعد للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ولا يعلمه أى ملك مقرب ولا نبى مرسل ؛ ومثله فى القرآن أيضا "فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين".   سورة السجدة        
وقال صاحب "الروض" : ( وقد حكيت هذه الحكاية على غير هذه الصفة من طريق آخر قال الراوى : سئل هارون الرشيد عنه فقال أنه ولد لى قبل أن ابتلى بالخلافة فنشأ نشأ حسنا وتعلم القرآن والعلم ، فلما وليت الخلافة تركنى ولم ينل من دنياى شيأ فدفعت إليه أمه هذا الخاتم وهو ياقوت يساوى مالا كثيرا وقلت لها تدفعين هذا إليه وكان برا بأمه رحمه الله.                                                           

هناك 4 تعليقات:

  1. انا اول مره اقرا القصه دى بس هى قصه مؤثره
    بس ياااااااااريت الناس تتعظ ان الدنيا ماشيه

    ردحذف
  2. أرى بتلك القصة أعمدة للفكر الصوفى وما يبنيه عن كرمات الأولياء الى أخره ولكنها تحمل دروساً كثيرة الى انها أزادت فى الزهد بعض الشىء فهناك تساؤل لى عن الكفن وللوقوف على صحة الرواية علينا أن نعود الى مسألةالكفن وما ذكر عنه والسنة المتبعة فيه فلربما الأولياء لا يخالفون تعاليم ديننا وسنة نبينا

    ردحذف
  3. صديقى العزيز حسن أشكر لك أهتمامك وردك ، ولقد ترددت كثيرا قبل نشر هذه القصة لما بها من تصوف ولكنى ذكرتها على سبيل العبرة والموعظة ، وبحثت عن صحة الرواية فى مواقع الأنترنت ووجدت القصة ولكن غير كاملة ولست على يقين من صحتها .. والكفن أعتقد أنه صحيح لأن من شروط الكفن أن يكون من حر مال المتوفى حتى ولو كانت ثيابه التى يلبسها والله فى ذلك أجل و أعلم

    ردحذف
  4. بجد حلوه اوى اللهم اخرجنا مخرج صدق واجعل خير اعمالنا خواتيمها.

    ردحذف

يشرفنى اعرف رأيك فى الموضوع ده